الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد » .
أما بعد : فإن كل أمة من الأمم تتخذ لنفسها منهاجا تقيم شؤون حياتها عليه وتجعل لها " دستورا" تضبط به حركتها وحركة القائمين على شؤونها ، وتندب ثلة من خيرتها للقيام على هذا المنهاج وذلك "الدستور" تعلما وتفقها ورعاية وتجديدا وتقويما .
أمر لا تكاد تجد عاقلا ينكره .والأمة الإسلامية لم يرض الله - عز وجل - أن يحملها عبء تأسيس هذا المنهاج و"الدستور" والحفاظ عليه ، فتكفل لها بذلك من فيض رحمانيته ورحيميته ، فأنزل صفوة ملائكته "جبريل"- عليه السلام - على صفوة خلقه أجمعين : سيدنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - بأعظم كتاب ومنهاج :القرآن الكريم ، ليبنه للناس
{ .....وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)(النحل: من الآية 44)
{ .....ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) (النحل: من الآية 89)
وتكفل بحفظه : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } (الحجر:9) فمنزله هو حافظه من التحريف والتغيير ، وحافظه من أن يكون في الأمة نازلة يعجز القرآن الكريم عن إحسان بيان سواء الصراط فيها، فجعله كتابا مباركا : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون } (الأنعام:155) ، { وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون)(الانبياء:50)
{ كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكرأولوالألباب } (ص:29)
فهو دائم الخير والعطاء ، ليس كمثله مناهج الخلق ودساتيرهم المفتقرة إلى تقويم وتجديد وتغيير بحذف وإضافة ... تكفل الله - سبحانه وتعالى - بذلك ، وزاد الأمة تشريفا بأن حملها إلى أن تقوم بشرف فقهه وفهمه وتدبره واستخراج مكنون أسرار عطائه ونواله
{ ...فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } (التوبة:من الآية 122)