محمد نجيب عبد المقصود (يوميات جحا)

يوميات جحا
(بين المسا والصباح ربك يعدلها )
محمد نجيب عبد المقصود
يجلس في احد حوانيت حارته الضيقه التي ضاقت بمن عليها وضاقت صدور من فيها - وجوه صفراء بلون الهم اجساد نحيله كمرضي السل من اثر السموم التي يتعاطونها توهما بانها ستنسيهم ما هم فيه - دائما مشاجرات اصوات عاليه الفاظ بزيئه ضجيج سيوف سنج مطاوي يختفي العسس وقت المشاجره الكل يفعل ما يريد وقت ما يريد طالما يمتلك القوه او القدره علي البلطجه - اطفال لا تستطيع ان تميز لون بشرتهم فجلدهم مكسو بطبقه من الاوساخ بلون ارضيه الحاره بفضل الزباله وطفح المجاري وانقطاع المياه بالاشهر كلهم متشابهون ويلعبون العاب عنيفه والهوايه المفضله لهم العدوانيه والتخريب - الرفاهيه الوحيده لاهل الحاره هي الانجاب ومن ثم الي الشارع - - كل ذلك يعرفه ويراه وهو جالس علي الدكه في احد حوانيت الحاره الضيقه - قرر الخروج من الحاره الي الاماكن الذي يقطنها الاخرون والذي يسمع عنهم ولا يري منهم الا صور ياتي بها المنادي لاخبارهم بتشريفه ملكيه او استقبال احد الضيوف علي المملكه او ابلاغهم بفرمان او منحه بمناسبه عيد او--- أو---- قرر وخرج من الحاره الي الاماكن التي يسكنها اهل السلطه واهل الثروه او اهل السلطه والثروه معا - شوارع واسعه حدائق زهوراشجار عسس وبكثره للحراسه - عارضه احد العسس ( الي اين؟ ) لم يجب ولم يعرف بماذا يجب كل ما دار بذهنه اليست هذه المنطقه ضمن ارض المملكه او محرم علي العامه دخولها انه في ورطه لعنه الله علي الشيطان الذي وسوس له بالاتيان الي هنا اسعفه اخر من العسس ( لعلك اتيت بناء علي الاعلان الملكي؟ ) وبسرعه وكانه طوق نجاه تذكر ان المنادي اعلن منذ فتره علي معلم يعلم حمار الملك القراءه والكتابه وله مكافئه كبيره - وعلي الفور اجاب نعم جئت لاعلم حمار الملك - وبعد التفتيش الدقيق قاده احدهم الي بوابه القصر - سأل الحارس الذي معه ما هذه الرؤس المعلقه علي بوابه القصر اجابه الحارس هذه رؤس من فشلوا في تعليم حمار جلاله الملك واصل السير غير مبال - انتظر في احدي غرف الحاجب لمقابله الملك شخصيا - قابله الملك قائلا (اأنت كفء لما تقدمت له؟ ) اجاب نعم يا مولاي اجاب ووجهه الي الارض كما اوصاه الحاجب في محاضرته له عن ادب الحديث مع الملك - اجاب نعم يا مولاي سأعلم حمارك الكريم القراءه والكتابه وكل ما ترغب في ان اعلمه اياه ولكن يا مولاي كي اقوم بمهمتي علي اكمل وجه ارجوا ان تتكرم علي ببعض الاشياء - رد الملك علي الفور كل طلباتك مجابه ولكنك تعرف مصير من يفشل في هذه المهمه - قال للملك اعرف يا مولاي واريد يا مولاي ان اسكن في احد هذه القصور القريبه منك وان يتوفر لي كل اسباب العيش برفاهيه وان يكون لي تجاره في سلعه معينه لا يتاجر فيها الا انا - قال الملك كل طلباتك مجابه ولكن اعطيني وقت محدد يكون الحمار فيه تعلم القراءه والكتابه - رد علي الملك اعطني يا مولاي عشرين عاما ويكون الحمار تعلم كل شيء وعلي الفور وافق الملك ---- خرج من عند الملك ومعه الحاجب الذي حضر المقابله وسأله الحاجب هل تستطيع فعلا في عشرين عاما ان تعلم الحمار وهل هناك حمار يستوعب التعليم ؟ رد علي الحاجب امامنا عشرون عاما اما ان اموت انا او يموت الحمار او يموت الملك لابد ان هناك حل وبين المسا والصباح ربك يعدلها .....!؟